الثلاثاء، 24 يناير 2012

قصة قصيرة


مجاهد
صليت الفجر ودعيت لتحرير بلادي لبست زيي العسكري شعور يخالجني غريب وكأنني عريس ...وكأنني طفل ..وكأنني ملاك أمشي علي الأرض ودعت زوجتي و احتضنت أبي وقبلت رأس أمي نظرت إلي ابنتي التي ارتسمت ملامحها حزنا و تورمت عيناها من البكاء ...توقفت أتأمل ملامحها بدقة لن أنسي حتى تلك الشامة الصغيرة تحت تلك العينين الجميلتين شعرت بيديها تضع شيئا في جيب سترتي وتقبل يدي ...خرجت و أنا أرسم في خيالي هذه الصورة التي أثقلتني هما ...ركبت السيارة وفي يدي أحمل الكلاشنكوف القديم أحي المجاهدين و استرق الابتسامة من شفاههم وضعت يدي في جيبي لأخرج سيجارتي لأجد مصحف صغير جدا يلتف حوله علم الاستقلال بألوانه الثلاث فتحته لأجد ورقة مكتوب فيها ( أستودعك الله يا أبي الذي لا تضيع ودائعه ) أدمعت عيناي و تذكرت عائلتي زوجتي أبنتي والدي كم أحبهم تذكرت أصدقائي وزملائي ورجعت بذاكرتي ليوم تخرجي من كلية الهندسة فقد كان من أجمل أيام حياتي يوم تخرجي ورؤيتي لشريكة حياتي ...تذكرت تلك الابتسامة التي رمتني في قفص الزواج تقدمت بذاكرتي إلي يوم ارتدائها للثوب الأبيض يوم رقصنا أول رقصة لنا وهي تترنح كالفراشة و أنا أمسك بها و كأنني أخافها أن تطير وتتركني ...عندها أيقضني صياح مجاهد فقد حان وقت صلاة الظهر توضئنا وصلينا و بكينا عند الدعاء جلست بجانب محمود الذي عرفته من شهر تقريبا أصبح يحدثني عن أمه التي تركها تعاني في فراش الموت لم يكمل حديثه حتى شردت مرة أخري لأتذكر والدي فقد مرت تلك الصورة التي رسماها في ذاكرتي صورة الأم التي ضحت لأجل إسعاد أبناءها وصورة الأب الذي ذاق الأمرين لأجل إطعام و تعليم أبناءه وكيف تغير الحال و أصبحت أنا من يعينهم فمن سيعينهم بعدي تنهدت و أطرقت رأسي دقائق حتى سمعت محمود يخبرني بأننا اقتربنا من المعركة ارتجلنا و إذا بي آمر كتيبتنا يأمرنا بالالتفاف حول الجامع لمساندة بعض الثوار المحاصرون صوت الطلقات يقترب وسقط أول شهيد فهم من قد التفوا حولنا فإذا بهم يحاصرونا في المسجد صوت التكبير أصبح يعلوا والدعاء لم يتوقف أصبحنا في وضع الدفاع و إذا بالوقت يمر و المعركة مستمرة و صرخات تعلو والتكبير أصبح أقل فقد نفذت ذخيرتنا والشهداء حولي يغرقون في دماءهم لم يعد غيرنا أنا ومحمود توجهت أبحث بين الجثث عن ذخيرة دون جدوى عندها ترك محمود سلاحه وقام يصلي فإذا بطلقة تصيبه وهو ساجد فسقط شهيدا عندها شممت رائحة الجنة فقمت للصلاة.

جندي مع القذافي

لم أنم من الأمس واليوم سيكون طويل سهرت مع الشباب سكرنا... رقصنا ...ولعبنا وكانت ليلة حافلة... رجعت أنا و جاري معتز إلي منزلي و أكملنا الليل سكارى و التحدث عن النساء حتى بزغ الفجر ...فأيقنت أننا يجب أن نلتحق بالكتيبة ...أشعر بالخوف ...أشعر بالرهبة... أشعر بأن الدنيا صغيرة... قلبي يقبضني... فلم يدور في رأسي لبست زيي العسكري وخرجت دون أن أودع والدي فهم انتقلوا إلي مدينة أخري بعد الأحداث التي جرت في المدن القريبة التحقت بالكتيبة فقد كنا بالأمس مع بعضنا فلم أحتاج لأبالغ في تصرفاتي سألني أحدهم هل جلبت الخمر وطبعا لم أنساه فهل أنسي مؤنسنا صعدنا السيارة...حاولت أن أشغل نفسي وتفكيري فلم أتذكر غير تلك الليلة التي داهمنا فيها ذلك المنزل لنبحث عن ذاك الشاب المتمرد لنجد أمه وهي تحتضن أبناءها الصغار ويمسك معتز تلك الفتاة الصغيرة ليختلي بها في غرفتها و وسط عويل وصياح و الأم تسترجينا يدخل الأب في حالة ذهول ليستمع لصراخ طفلته ليقوم بالهجوم علينا حتى يخرج معتز ويصوب عليه فيقتله أمام أبناءه وزوجته لم أنم تلك الليلة ولم أعي لما قمنا بذلك و ما ذنب تلك الفتاة التي فقدت طفولتها و أباها في وقت واحد حتى يسألني معتز أن أسكب له كأسا من الخمر ...ولم تكن الطريق طويلة فقد اقتربنا من المعركة ...عندها ارتشفت كوبا من الخمر وها أنا يا سيدي احارب لأجلك لأجعل منك بطلا لأجعلك رمزا لأموت من أجلك وبدأت المعركة بدأ السب والشتم و ألفاظ تخرج من أفواه السكارى أصيب معتز فوقف الدم في عروقي فوضعته علي فخدتي ورائحة الخمر تفوح من فمه طلبت منه أن يتشهد فلم ينطق بها و آتته المنية عندها تذكرت كيف كنا لم نركع لله يوما رائحة الخمر تفوح منه ومني كما كنا سابقا لم نتغير لا ننام الليل الا ونحن سكارا لم نكمل دراستنا تعفنت عقولنا إلي أن وصلنا إلي هذا المستوي سرقة كذب خيانة ...عندها توقفت فقد أصبح إطلاق النار أقل أم لم يعد للمتمردين أي صوت يذكر أخذت بندقيتي ودخلت إلي المسجد ...فوجدت شاب يصلي... أطلقت آخر رصاصة فأصابته ...وآخر ما سمعته ( أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمد رسول الله ).
هاجر السعيطي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق